Senin, 19 Juli 2021

الموضوعات في الحديث (Hadits Maudhu)

 

  الموضوعات  في الحديث

مقدمة

1.       خلفية البحث

وبمرور الزمن مهمّ ما و واجب صون الدين بتعلم العلم الذي يتعلق بالعبادة واقعية كانت او موضوعية. لقول الني محمد صلعم " طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ" اخرجه سنن ابن ماجة .[1]اي علوم التفسير و الحديث والفقة والتها. وبعد تعلم العلوم الدينية قد كتب الله علي ان ينشرها بداليل قوله صلى الله عليه وسلم " من سئل عن علم ثم كتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار"

اذا , فقد نعلم العلوم الدينية لتكلفنا بها ونحصص علم الحديث لانه المعهود شرعا علي كتاب مسند الحميدي لعبد الله بن الزبير بن عيسى بن عبيد الله بن أسامة بن عبد الله بن حميد بن زهير القرشى الأسدى الحميدى لاهتمامه ولكثير فوائده ثم نكتب هذه الرسالة التزاما بداليل ما ذكر.

وبعد , فاهم ما يشتغل به العاقل اللبيب في هذا الزمان الصعب خاصة علي الطالب في قسم التفسير والحديث ان يسعى فيما ينقذ به نفسه من الخطاء الظاهر في ادراك العلم والايمان اليقيني. وطريقه تفقه المريد بالعلم الديني.

2.       أسئلة البحث

أ‌.                   كيف الموضوعات  في الحديث ؟

ب‌.              كيف الإسرائيليات في الحديث ؟

3.       مقصود البحث

أ‌.                   لتعرف الموضوعات  في الحديث

ب‌.              لتعرف الموضوعات  في الحديث


4.       البحث

وينبغي قبل ان نبدئ بهذا المحتصر الذي يبحث فيه منهج كتاب مسند الحميدي ان نذكر تعريف كتاب مسند  او مساند: هو في اصطلاح المحدثين: الكتاب الذي جمع فيه أحاديث كل صحابى على حدة من غير نظر إلى وحدة الموضوع، فحديث صلاة بجانب حديث زكاة بجانب حديث بيوع وهكذا، فإذا فرغ من حديث هذا الصحابي أخذ في حديث غيره حتى يتم الكتاب، وقد اختلف أصحاب هذه الطريقة في ترتيب الصحابة، فمنهم من يرتب على حسب الفضل بأن يبدأ بالعشرة المبشرين بالجنة ثم بمن بعدهم ، كما فعل الإمام أحمد، ومنهم من يرتب حسب القبائل وهكذا.[2]

أ‌.                     الموضوعات

1.   تعريفها:

الموضوعات فهي جمع موضوع ، اسم مفعول ، وهو في اللغة مأخوذ من وضع الشيء يضعه وضعا ، إذا حطه وأسقطه. أو من وضعت المرأة ولدها إذا ولدته1 ، وأما في اصطلاح أئمة الحديث فالموضوع : هو الحديث المختلق2 المصنوع ، المكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم أو على من بعده من الصحابة والتابعين ، ولكنه إذا أطلق ينصرف إلى الموضوع على النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أما الموضوع على غيره فيقيد ، فيقال مثلا : موضوع على ابن عباس ، أو على مجاهد مثلا ، والمناسبة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي ظاهرة ، أما على المعنى اللغوي الأول : فلأنه منحط ساقط عن الاعتبار ، وأما على الثاني : فلما فيه من معنى التوليد ، والتسبب في الوجود.[3]

2.   تريخها:

قال يوسف بن الزكي عبدالرحمن أبو الحجاج المزي في تهذيب الكمال : روى عن  إبراهيم بن سعد وأبى ضمرة أنس بن عياض وبشر بن بكر التنيسى ( خ ) وأبى أسامة حماد بن أسامة وسفيان بن عيينة ( خ مق ت س فق ) وعبد الله بن الحارث الجمحى الحاطبى وعبد الله بن الحارث المخزومى وعبد الله بن رجاء المكى وأبى صفوان عبد الله بن سعيد الأموى وعبد الله بن يرفا المدنى مولى بنى ليث وعبد الرحمن بن سعد بن عمار المؤذن وعبد العزيز بن أبى حازم وعبد العزيز بن عبد الصمد العمى ( بخ )وعبد العزيز بن محمد الدراوردى وعلى بن عبد الحميد بن زياد بن صيفى وفرج بن سعيد المأربى اليمانى ( د ) وفضيل بن عياض ومحمد بن إدريس الشافعى ( د ) ومحمد بن عبيد الطنافسى ومروان بن معاوية الفزارى ( خ ت ) ووكيع بن الجراح ( خ ) والوليد بن مسلم ( خ ) ويعلى بن عبيد الطنافسى .[4]

3.   مادتها :

والموضوع من حيث مادته ونصه نوعان :

1- أن يضع الواضع كلاما من عند نفسه ، ثم ينسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى الصحابي ، أو التابعي.

2- أن يأخذ الواضع كلاما لبعض الصحابة أو التابعين ، أو الحكماء ، والصوفية ، أو ما يروى في الإسرائيليات ، فينسبه إلى رسول الله ؛ ليروج وينال القبول ، مثال ما هو من قول الصحابة : ما يروى من حديث : "أحبب حبيبك هونا ما ، عسى أن يكون. [5]

وكان الرسول الكريم عليه صلوات الله تعالى بما أوتى من جوامع الكلم وبليغ القول يؤدى عن ربه، تفصيلا لما أجمل من قرآن، أو تصريحا عن أمر ألمح إليه الوحى، أو إجابة عن تساؤل تحيرت فيه أفكار الناس، أو تعبير عن إحساس عميق بحقائق هذه الحياة الدنيا، وما هو كائن بعدها من

أحداث..وكان لتعبيره صلى الله عليه وسلم نمط فريد، جمع بين ملاحة العبارة وتآلف كلماتها، وتجاذب أصواتها، وشمول معناها، وعمقه ودقته..بحيث تترك من آثارها في نفس السامع، حقائق مستقرة، مريحة.

توقظ المشاعر، وتتمزج بالفطرة، وتتغلغل في أعماقها.كان لحديثه صلى الله عليه وسلم نمط فريد، اختص به عليه السلام.جمع بين الايجاز في اللفظ، والوضوح المفعم بالاحساس، والجمال في التعبير، والحلاوة في الايقاع.ولم يكن لاحد من فحول الشعراء، ومصاقع الخطباء، ومشاهير البلغاء، من القدرة، أو الموهبة، ما يعينه على أن ينسج على منواله في أحاديثه عليه الصلاة والسلام وأكثرها على البديهة.فكيف بالذى قاله عليه السلام على الروية.! وهيهات. للذى تقدم من الشرح يرغم عدم التدوين (1) إبان حياته المباركة – حفظ الناس كل ما قال.وهذه - فيما نعلم - ظاهرة لم تحدث في تاريخ البشرية، على امتداد أحقابها..لم يحدث أبدا أن حفظ جيل كامل معاصر لرجل..كل كلمة نطقت بها شفتاه..سمعت منه.أو نقلت عنه.ثم كان الحفاظ عليها صنو الحفاظ على الحياة. إيثارا وحبا وتأثرا وحنينا.على أن من حفظ.إنما كان يشبع حاجة النفس العطشى.وينشد راحتها، غير قاصد بما يسمع، أنه يسمع لينقل لغيره أو للاجيال عبر التاريخ.ولا هو عامد إلى ذلك.إنما كان يسمع ليروى غلة صادية، وفطرة مشتاقة.وهو في أعماقه عاجز عن التقليد، عاجز عن الاعراض، حتى لو أراد.فكيف بحاله وهو المقبل المتلهف على الحكمة البالغة.والعبارة الآسرة.والمعنى الجليل.كذلك كان أصحابه عليه السلام.يحفظون عنه فيما يحفظون كلامه العادى.على حين أنه مجرد أداء لمتطلبات حياته المباركة في حله وترحاله، في حربه وسلمه، في مأكله ومشربه، في غضبه ورضاه، في سروره وحزنه.وأفضى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ربه الكريم.راضيا مرضيا.وكلامه محفوظ غير مكتوب.وكأنه عليه السلام أبى أن يترك بعد موته مع كتاب الله كتابا.اللهم إلا شيئا لا يدخل في حكم التدوين.وهو اتجاه صرح به أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - أيام خلافته حين اقترح بعضهم كتابة حديثه رسول الله.فأبى ذلك ولم يرتضه.ومضى خير القرون - ولم يدون الحديث ولا وضع فيه كتاب.لكن كانت - خلال ذلك - أطلت الفتن برؤوسها.

فطوت في أعاصيرها الهوجاء - حيوات غاليات، قتل عمر الفاروق الملهم، وعثمان الحيى الكريم، وعلى القوى الحكيم.وطلحة الصالح المبشر، والزبير الحوارى الشهيد.وسواهم وسواهم كثير.ثم قتل ممن بعدهم الحسين بن على ومعه أمة من الصالحين.ووراء كل نصراء وأصحاب وشيعة وأحزاب.وعلى امتداد عصر الراشدين.

وخاصة على رضى الله عنه.وعلى امتداد حكم الامويين.وخاصة أيام معاوية إلى عبدالملك.وفى مطلع أيام العباسيين وخاصة أيام أبى عبدالله السفاح وأبى مسلم الخراساني.في إبان تلك الايام، طورا طورا.وفى مختلف الانحاء من معمور الارض والبلاد.بلاد المسلمين.على تباين الاجناس، وتفرق الاهواء والقوميات والعصبيات.

والسياسة في خدمة المعركة.والاثارة في خدمة السياسة.والهوى مستحكم.والشر مستطار.والفتن يقظى بعد هجوع.والحكم للسيف.والغلب لمن كثر أعوانه..في هذا المضطرب عبر الايام سعى الخصوم وراء الخصوم، كل يعزز رأيه وحزبه.العرب في الاغلب بالشعر والنثر والمأثور والخطابة.والعجم في الاغلب بالكيد والوقيعة والسعاية والدعاية.

وكان من أفعل الكيد، وأخبث الدعاية، أن يصنع حديث على نمط مقارب لآخر صحيح، في لفظه وجرسه، وشكله وسمته.وينسب إلى الرسول الكريم عليه السلام.تمييزا لشخص على آخر، أو إنباء بحادث له دلالة لم يكن وقع آنذاك، ثمت وقع مؤخرا.أو نصرة لرأى أو مذهب اختصم فيه الاخصام، أو إشادة بمنقبة، أو افتعال لمثلبة.وجرى ذلك وشاع في ندرة وقلة أيام عمر وعثمان خاصة من يهود.وفى غلبة وكثرة أيام على ومعاوية - خاصة من فرس.وهاجت حمى وضع الاحاديث ونسبتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما تلا ذلك من أيام، وجاءت تترى من كل صوب، تزاحم الصحيح لتزيله وتستقر في الاذهان مكانه.

ومن ورائها الغرض الخبيث، والكيد للاسلام، وإحلال القثور في مواضع اللباب، والتفاهات في ثوب المهمات، والشرك في مواضع التوحيد، والخرافات والترهات بدلا من الحقائق والبديهيات (1).

وتطور (فن وضع الحديث) مع الزمن وتدهور من أغراض الحرب والسياسة تبعا لخور النفوس وانحطاط الاغراض إلى أغراض أخر دون ما تحرج ولا تأثم، حتى تجاوز الوضع حدود الخصومات والخلافات السياسية والمذهبية إلى التكسب به، كاسترضاء الخلفاء والامراء (2) رغبة فيما في أيديهم من المال والضياع، أو طلبا للرياسة والجاه وبعد الصيت، والمباهاة عند العامة.وانحطت الاغراض في الوضع والكذب، على رسول الله، أكثر فأكثر حتى وصلت إلى حد الخبل والبلاهة وما يشبه كلام الصبيان.

إلى حد أنه لا يستعظم على كذاب أن يضع حديثا ويقيم له سندا (3) يصل به إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، يمدح به قبيلته أو بلدته أو نوع ثوبه أو طعاما يحبه أو شرابا يسيغه أو فاكهة يؤثرها على غيرها..إلى ما لا نهاية له من الخلط والتهريج، بالعمد والنية السيئة والقصد في الاغلب، وبالبلاهة والغباء والتعالم في الاقل.وبشئ من الايجاز يمكن تصور الموقف بالنسبة لتناقل الحديث وتفشى الوضع فيه.مع تلخيص الاسباب المباشرة لنجاح الكذابين في وضع ما وضعوه من الاحاديث وإشاعتها بين المسلمين بالصورة الوبائية المعلومة لدى أهل الحديث على النحو التالى: أولا: انحراف المزاج الفكري والعاطفي للشعوب الاعجمية التى دخلت الاسلام في أعقاب الفتوح أو التى عاشت تحت حكمه على دينها، والافراد الذين تظاهروا بالاسلام تقية كبعض اليهود والمجوس.

ثانيا: مات الرسول الكريم، وكان عدد من بقى بعد موته من أصحابه الذين رأوه وسمعوا منه زهاء مائة ألف أو يزيدون سمع منهم من التابعين وتابعي التابعين من لا يحصى كثرة.من مختلف الاجناس وفى مختلف البقاع.

في غمرة هذه الكثرة، وافتقاد ضابط الصحة للرواية، في الزمان والمكان.غافل الكذابون الناس ووضعوا ما شاءوا.وتعذر، بل استحال حصر ما وضعوه (1).

ثالثا: انتهز الكذابون فرصة كثرة ما رواه أمثال أبى هريرة من الاحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم - وهى كثيرة جدا - فوضعوا من الاحاديث المكذوبة شيئا كثيرا نسبوه للنبى عليه الصلاة والسلام زورا عن طريق أبى هريرة، ليتوه كثيرهم المكذوب في كثيره الصحيح، وليشق تمييز صحيحه من سقيمهم.

وقد كان.وعاش إلى جوار الوضاعين الشانئين، وضاعون آخرون من طراز مختلف، شأنهم أعجب، وسلو كهم أغرب.وضاعون صالحون غيورون على الاسلام.يضعون الحديث، ويزورون على الرسول ما لم يقل.تقربا لله سبحانه وتزلفا إليه.وما كأنهم أثموا.ولا جاءوا ظلما من القول وزورا.

فهذا أبو عصمة نوح بن أبى مريم يتعقب سور القرآن واحدة واحدة، فليصق بكل سورة فضيلة، ويرتب لها فائدة، ويضع فيها حديثا ينسبه إلى الرسول زورا بعد أن يصنع له سندا ينتهى في غالب ما وضع إلى ابن عباس، ثم إلى النبي عليه الصلاة والسلام عن طريق عكرمة بن أبى جهل.كما كان أحيانا يرفع إلى أبى بن كعب أو سواه.والعجب منه ومن أمثاله.لا يرى أنه وقع في إثم بما فعل ! اسمع إليه يدفع عن نفسه اللوم حين عوتب فيقول: لما رأيت اشتغال الناس الناس بفقه أبى حنيفة، ومغازى محمد بن إسحاق، وأنهم أعرضوا عن القرآن، وضعت هذه الاحاديث حسبة لله تعالى.كذلك وهب بن منبه.

أسلم يعد يهودية، وكان يضع الحديث في فضائل الاعمال.وفعل مثل فعله عبدالملك بن عبد العزيز الذى أسلم بعد نصرانية..ونشط وضاعون آخرون.يضعون وينسبون ما وضعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم زورا.في فضائل من أحبوا، ومثالب من أبغضوا، ثم زبفوا لها الاسانيد أيضا، كيلا يتطرق إليها الشك، أو ينكشف الزيف.[6]

وأسرف في ذلك جماعات، كأمثال النقاش والقطيعي والثعلبي والاهوازى وأبى نعيم والخطيب.وسواهم فيما وضعوا من مناقب وفضائل أبى بكر الصديق وعمر وعثمان ومعاوية رضى الله عنهم.وعلى الضد من هؤلاء قامت جماعات أخر تكيل الكيل كيلين، فوضعت في مناقب على رضى الله عنه من الاحاديث المستغربة ما لا يدخل تحت حصر، من أمثال: أحمد بن نصر الذراع، وحبة بن جوين، وبشر بن إبراهيم، وعباد بن يعقوب، وعبد الله بن داهر.وما كان أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا على في حاجة إلى مديح أو إشادة من أمثال هؤلاء.علم الله.[7]

ومن الموضوعات التي اشتملت عليها بعض كتب التفسير : كالزمخشري ، والنسفي ، القراءات الشاذة التي تنسب إلى الإمام أبي حنيفة ، وهو بريء منها ، ولكنها اختلقت وقد بين ذلك الإمام الخطيب في تاريخه ، والإمام الذهبي في : طبقات القراء" ، وابن الجزري في "الطبقات" أيضا.

وواضعها هو : محمد بن جعفر الخزاعي ، المتوفى سنة سبع وأربعمائة ونقلها عنه أبو القاسم الهذلي ، قال الذهبي في الميزان في ترجمة : "محمد بن جعفر" هذا : ألف كتابا في قراءة الإمام أبي حنيفة ، فوضع الدارقطني خطه عليه ، بأن هذا موضوع لا أصل له ، وذلك مثل قوله تعالى : {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءَ} برفع لفظ الجلالة ، ونصب لفظ العلماء ، وإذا كانت موضوعة فلا حاجة للتكلف بتصحيح معناها كما فعل الزمخشري في تفسيره1.

ب‌.              الإسرائيليات

1.   تعريفها

جمع إسرائيلية ، نسبة إلى بني إسرائيل ، والنسبة في مثل هذا تكون لعجُز المركب الإضافي لا لصدره ، وإسرئيل هو : يعقوب عليه السلام أي عبد الله وبنو إسرائيل هم : أبناء يعقوب ، ومن تناسلوا منهم فيما بعد ، إلى عهد موسى ومن جاء بعده من الأنبياء ، حتى عهد عيسى عليه السلام وحتى عهد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

وقد عرفوا "باليهود" أو بـ "يهود" من قديم الزمان ، أما من آمنوا بعيسى : فقد أصبحوا يطلق عليهم اسم "النصاري" وأما من آمن بخاتم الأنبياء : فقد أصبح في عداد المسلمين ، ويعرفون بمسلمي أهل الكتاب"1

وقد أكثر الله من خطابهم ببني إسرائيل في القرآن الكريم تذكيرا لهم بأبوة هذا النبي الصالح ، حتى يتأسوا به ، ويتخلقوا بأخلاقه ، ويتركوا ما كانوا عليه من نكران نعم الله عليهم وعلى آبائهم وما كانوا يتصفون به من الجحود ، والغدر ، واللؤم ، والخيانة وكذلك ذكرهم الله سبحانه باسم اليهود في غير ما آية ، وأشهر كتب اليهود هي : التوراة ، وقد ذكرها الله في قوله تعالى : {الم ، اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ، نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ ، مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ.[8]

2.   أقسام الإسرائيليات :

أخبار بني إسرائيل ، وأقاويلهم على ثلاثة أقسام :

القسم الأول : ما علمنا صحته مما بأيدينا من القرآن والسنة ، والقرآن هو : الكتاب المهيمن ، والشاهد على الكتب السماوية قبله ، فما وافقه فهو : حق وصدق ، وما خالفه فهو : باطل وكذب ، قال تعالى : {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ، وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ}1.

وهذا القسم صحيح ، وفيما عندنا غنية عنه ، ولكن يجوز ذكره ، وروايته للاستشهاد به ، ولإقامة الحجة عليهم من كتبهم ، وذلك مثل : ما ذكر في صاحب موسى عليه السلام ، وأنه الخضر فقد ورد في الحديث الصحيح ، ومثل ما يتعلق بالبشارة بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وبرسالته2 ، وأن التوحيد هو دين جميع الأنبياء ، مما غفلوا عن تحريفه ، أو حرفوه ، ولكن بقي شعاع منه يدل على الحق..[9]

القسم الثاني : ما علمنا كذبه مما عندنا مما يخالفه ، وذلك مثل : ما ذكروه في قصص الأنبياء ، من أخبار تطعن في عصمة الأنبياء عليه الصلاة والسلام ، كقصة يوسف ، وداود ، وسليمان ومثل : ما ذكروه في توراتهم : من أن الذبيح إسحاق ، لا إسماعيل ، فهذا لا تجوز روايته وذكره إلا مقترنا ببيان كذبه ، وأنه مما حرفوه ، وبدلوه ، قال تعالى : {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِه}.

وفي هذا القسم : ورد النهي عن النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة عن روايته ، والزجر عن أخذه عنهم ، وسؤالهم عنه ، قال الإمام مالك رحمه الله في حديث : "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" : المراد جواز التحدث عنهم بما كان من أمر حسن : أما ما عُلِم كذبه فلا1.

ولعل هذا هو المراد من قوله صلى الله عليه وسلم : "يا معشر المسلمين : كيف تسألون أهل الكتاب ، وكتابكم الذي أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم أحدث2 ، تقرءونه لم يشب3 ، وقد حدثكم الله أن أهل الكتاب بدلوا كتاب الله ، وغيروه ، وكتبوا بأيديهم الكتاب ، وقالوا : هو من عند الله ، ليشتروا به ثمنا قليلا ، ألا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم ، لا والله ما رأينا منهم رجلا يسألكم عن الذي أنزل عليكم"4.

القسم الثالث : ما هو مسكوت عنه ، لا من هذا ، ولا من ذاك ، فلا نؤمن به ، ولا نكذبه ، لاحتمال أن يكون حقا فنكذبه ، أو باطلا فنصدقه ، ويجوز حكايته لما تقدم من الإذن في الرواية عنهم. ولعل هذا القسم هو المراد بما رواه أبو هريرة ، قال : "كان أهل الكتاب يقرأون التوراة بالعبرانية ، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تصدقوا أهل الكتاب ، ولا تكذبوهم ، وقولوا آمنا بالله ، وما أنزل إلينا ، وما أنزل إليكم"5 الآية ، ومع هذا : فالأولى عدم ذكره ، وأن لا نضيع الوقت فيقالاشتغال به ، وفي هذا المعنى : ورد حديث أخرجه الإمام أحمد ، وابن أبي شيبة والبزار ، من حديث جابر : أن عمر أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب ، فقرأه عليه ، فغضب ، قال : "لقد جئتكم بها بيضاء نقية ، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق ، فتكذبوا به ، أو بباطل ، فتصدقوا به ، والذي نفسي بيده لو أن موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعني" ورجاله موثقون ؛ إلا أن في مجالد -أحد رواته- ضعفًا ، وأخرج البزار أيضا من طريق عبد الله بن ثابت الأنصاري : أن عمر نسخ صحيفة من التوراة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء" ، وفي سنده جابر الجعفي ؛ وهو ضعيف ، قال الحافظ في الفتح : واستعمله : "يعني البخاري" في الترجمة : يعني عنوان الباب ، لورود ما يشهد بصحته من الحديث الصحيح.

قال ابن بطال عن المهلب : "هذا النهي في سؤالهم عما لا نص فيه ؛ لأن شرعنا مكتفٍ بنفسه ، فإذا لم يوجد فيه نص ، ففي النظر والاستدلال غنىً عن سؤالهم ، ولا يدخل في النهي سؤالهم عن الأخبار المصدقة لشرعنا ، والأخبار عن الأمم السالفة.[10]

ولو أن هذه الإسرائيليات ولا سيما المكذوب والباطل منها وقف بها عند قائليها ، لكان الأمر محتملا بعض الشيء ، ولكن الشناعة وكبر الإثم : أن بعض الزنادقة ، والوضاعين وضعفاء الإيمان ، قد رفعوا هذه الإسرائيليات إلى المعصوم صلى الله عليه وسلم ونسبوها إليه صراحة ، وهنا يكون الضرر الفاحش والجناية الكبرى على الإسلام والتجني الآثم على النبي صلى الله عليه وسلم 0 ؛ فإن نسبة الغلط ، أو الخطأ أو الكذب إلى الراوي أيا كان أهون بكثير من نسبة ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

وإن ما اشتملت عليه بعض الإسرائيليات من الخرافات ، والأباطيل ليصد أي إنسان -مهما بلغ من التسامح في هذا العصر الذي نعيش فيه -عن الدخول في الإسلام ، ويحمله على أن ينظر إليه نظرة الشك ، والارتياب.

ولهذا : ركز المبشرون والمستشرقون طعونهم في الإسلام ونبيه على مثل هذه الإسرائيليات والموضوعات ؛ لأنهم وجدوا فيها ما يسعفهم على ما نصبوا أنفسهم له من الطعن في الإسلام ، وإرضاء لصليبيتهم التي رضعوها في لبان أمهاتهم.

وهذه الأباطيل والخرافات مهما بلغ إسنادها من السلامة من الطعن فيه ، لا نشك في تبرئة ساحة النبي صلى الله عليه وسلم عنها : {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}.

الموقوف من الإسرائيليات على الصحابة والتابعين :

ولو أن هذه الإسرائيليات جاءت مروية صراحة عن كعب الأحبار أو وهب بن منبه ، أو عبد الله بن سلام ، وأضرابهم ، لدلت بعزوها إليهم أنها مما حملوه ، وتلقوه عن كتبهم ورؤسائهم قبل إسلامهم ، ثم لم يزالوا يذكرونه بعد إسلامهم. وأنها ليست مما تلقوه عن النبي أو الصحابة ، ولكانت تشير بنسبتها إليهم إلى مصدرها ، ومن أين جاءت وأن الرواية الإسلامية بريئة منها.

ولكن بعض هذه الإسرائيليات بل الكثير منها جاء موقوفا على الصحابة ، ومنسوبا إليهم رضي الله عنهم فيظن من لا يعلم حقيقة الأمر ، ومن ليس من أهل العلم بالحديث أنها متلقاة عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنها من الأمور التي لا مجال للرأي فيها ، فلها


 

تبيان اخر

ووافقهم الإمام الذهبي في تعمد الكذب في الحلال والحرام ، ولعل مما يشهد لهم قوله تعالى : {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّه}2 فقد نفت الآية الإيمان عمن يفتري الكذب على الله ، والكذب على الرسول كذب على الله ، قال تعالى : {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}3.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن كذبا علي ليس ككذبٍ على أحد ، فمن كذب عليَّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" رواه البخاري ومسلم وغيرهما ، وقد روى من طريق متكاثرة ، حتى قال العلماء : إنه متواتر ، ففي قوله : "إن كذبا علي ليس ككذب على أحد" ما يشعر بأن حكم الكذب عليه ليس كحكم الكذب على غيره ، والكذب على غيره كبيرة ، فيكون الكذب عليه أكثر من كبيرة ، أو أكبر الكبائر.

وفي معنى الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم الكذب على الصحابة والتابعين ، ولا سيما فيما لا مجال للرأي فيه مما لا يعرف إلا من المشرع ؛ لأن له حكم المرفوع إلى النبي كما نبه على ذلك أئمة الحديث4 ؛ وأيضا فبعض الفقهاء يعتبر قولهم حجة في التشريع ، إلا أني لم أقف على من قال : إن الكذب عليهم كفر ، وإنما الذي قال الجويني : إنما هو في الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم :

ولا يدخل في الكذب الرواية بالمعنى ؛ لأنها إنما أجازها العلماء لعارف بالألفاظ ومدلولاتها معرفة دقيقة عالم بالشريعة ومقاصدها خبير بما يغير المعاني ويفسرها ، فهي لم تخرج عند التحقيق عن مدلول اللفظ الأصلي.

جمهور المحدثين إلى أن من كذب في حديث واحد فسق ، وردت روايته ، وبطل الاحتجاج بها ، وإن تاب وحسنت توبته ، ومن هؤلاء الأئمة : أحمد بن حنبل ، وأبو بكر الحميدي والصيرفي ، والسمعاني1.

قال أبو بكر الصيرفي : "كل من أسقطنا خبره من أهل النقل بكذب وجدناه عليه لم نعد لقبوله لتوبة تظهر" وقال أبو المظفر السمعاني : "من كذب في خبر واحد وجب إسقاط ما تقدم من حديثه".

وخالف في ذلك الإمام النووي ، فقال : والمختار القطع بصحة توبته في هذا ، وقبول رواياته بعدها ، إذا صحت توبته بشروطها2. والحق أن ما ذهب إليه النووي قوى من جهة الاستدلال ، ولكن مذهب الجمهور أحوط للأحاديث ، وأبعد من الريبة في الرواية ، ومن ثم نرى : أن أئمة الحديث احتاطوا له غاية الاحتياط ، فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيرا.

حكم رواية الموضوعات والإسرائيليات الباطلة :

قال العلماء سلفا وخلفا : لا يحل رواية الحديث الموضوع في أي باب من الأبواب ، إلا مقترنا ببيان أنه موضوع مكذوب ، سواء في ذلك ما يتعلق بالحلال والحرام ، أو الفضائل ، أو الترغيب والترهيب أو القصص والتواريخ3 ، ومن رواه من غير بيان وضعه فقد باء بالإثم العظيم ، وحشر نفسه في عداد الكذابين ، والأصل في ذلك : ما رواه الإمام مسلم في صحيحه ، بسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "من حدث عني بحديث يرى أنه كذب ، فهو أحد الكاذبين"4 وفي حكم الموضوعات الإسرائيليات التي ألصقت بالنبي زورا ، وكذبا عليه.

وقد حكم كثير من علماء الحديث وأئمته على من روى حديثا موضوعا من غير تنبيه إلى وضعه وتحذير الناس منه بالتعزير والتأديب ، قال أبو العباس السراج : شهدت محمد بن إسماعيل البخاري ، ودفع إليه كتاب من ابن كرام يسأله عن أحاديث ، منها حديث الزهري عن سالم عن أبيه1 مرفوعا : "الإيمان لا يزيد ولا ينقص" فكتب محمد بن إسماعيل على ظهر كتابه : "من حدث بهذا استوجب الضرب الشديد ، والحبس الطويل".

بل بالغ بعضهم ، فأحل دمه ، قال يحيى بن معين -وهو من كبار أئمة الجرح والتعديل- لما ذكر له حديث سويد الأنباري : "من عشق ، وعف ، وكتم ، ثم مات مات شهيدا.

قال : هو حلال الدم2!!

وقد سئل الإمام ابن حجر الهيثمي عن خطيب يرقى المنبر كل جمعة ، ويروي أحاديث ، ولم يبين مخرجيها ودرجتها فقال : ما ذكره من الأحاديث في خطبه من غير أن يبين رواتها ، أو من ذكرها فجائز ، بشرط أن يكون من أهل المعرفة بالحديث ، أو ينقلها من مؤلفٍ صاحبُه كذلك.

وأما الاعتماد في رواية الأحاديث على مجرد رؤيتها في كتاب ليس مؤلفه من أهل الحديث ، أو في خطب ليس مؤلفها كذلك ، فلا يحل ؛ ومن فعل عزر عليه التعزير الشديد ، وهذا حال أكثر الخطباء ؛ فإنهم بمجرد رؤيتهم خطبة فيها أحاديث حفظوها ، وخطبوا بها من غير أن يعرفوا أن لتلك الأحاديث أصلا أم لا ، فيجب على حكام كل بلد أن يزجروا خطباءها عن ذلك.

أقول : لا يزال بعض الخطباء ، ومقيمي الشعائر الدينية الذين ليس له علم بالحديث رواية ودراية ، ولا سيما من لم يتأهلوا التأهل اللازم لمن يتولى الإمامة والخطابة ، والذين لا يزالون يخطبون من الدواوين ، أو يعتمدون في خطبهم على الكتب التي لا يُعتمد عليها في معرفة الأحاديث والتمييز بين صحيحها ، وضعيفها ، وموضوعها ، والذين جعلوا غايتهم استرضاء الجماهير ، فيذكرون لهم أحاديث في الترغيب والترهيب ، وحكايات وقصصا مثيرة عجيبة ، أغلب الظن أنها من وضع القصاص ، وجهلة الزهاد الذين استجابوا ذلك ، وكان جل هممهم تملق الجماهير ، واستمالتهم بذكر المبالغات ، والتهاويل والعجائب ، والغرائب وما أجدر هذه الفئة بأن يحال بينها وبين الخطابة ، والوعظ ، والتذكير ، حتى لا يسمموا أفكار الناس ويفسخوا القيم الدينية والخلقية الصحيحة ، وتكون حجة على الإسلام لا حجة له ، وأحب أن أقول لهؤلاء وأمثالهم : إن في الأحاديث الصحاح والحسان ، والقصص الثابت الصحيح غنية عن الأحاديث الموضوعة أو الضعيفة والقصص ، وجهلة الزهاد الذين استباحوا ذلك ، وكان جل همهم تملق الجماهير ، واستمالتهم بذكر المبالغات ، والتهاويل والعجائب ، والغرائب وما أجدر هذه الفئة بأن يحال بيها وبين الخطابة ، والوعظ ، والتذكير ، حتى لا يسموا أفكار الناس ويفسخوا القيم الدينية والخلقية الصحيحة ، وتكون حجة على الإسلام لا حجة له ، وأحب أن أقول لهؤلاء وأمثالهم : إن في الأحاديث الصحاح والحسان ، والقصص الثابت الصحيح غنية عن الأحاديث الموضوعة أو الضعيفة والقصص المكذوب لمن يريد أن يرقق القلوب ويستولي على النفوس ، فليتق الله هؤلاء في الناس ، وفي أنفسهم.

ومن الحق في هذا المقام أن أقول أيضا : إن الكثيرين من المدرسين الأزهريين والوعاظ ، والمرشدين ، والدعاة إلى الله ، والأئمة والخطباء المؤهلين تأهيلا علميا سليما ، في الأزهر ، وجامعته والجامعات الإسلامية الأخرى لهم من علمهم ، ووعيهم الديني والثقافي وسعة اطِّلاعهم ما يعصمهم من الوقوع في رواية الموضوعات والقصص الباطلة ، والإسرائيليات الزائفة ، وتحري الصدق والحق في رواية الأحاديث ، وذكر الأقاصيص ، وأخذهم أنفسهم بالرجوع في ذلك إلى كتب العلماء الثقات الحفاظ للحديث ، أو الذين لهم علم به ودراية ، وهو أثر من آثار النهضة العلمية الحديثة من يوم أن أنشئت الدراسات العليا التخصصية في كليات الجامع الأزهر الشريف ، عمره الله بالعلم والعلماء.


 

الخاتمة

1.  نتائج البحث

والحاصل, ان الموضوعات فهي جمع موضوع ، اسم مفعول ، وهو في اللغة مأخوذ من وضع الشيء يضعه وضعا ، إذا حطه وأسقطه. أو من وضعت المرأة ولدها إذا ولدته1 ، وأما في اصطلاح أئمة الحديث فالموضوع : هو الحديث المختلق2 المصنوع ، المكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم أو على من بعده من الصحابة والتابعين ، ولكنه إذا أطلق ينصرف إلى الموضوع على النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أما الموضوع على غيره فيقيد ، فيقال مثلا : موضوع على ابن عباس ، أو على مجاهد مثلا ، والمناسبة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي ظاهرة ، أما على المعنى اللغوي الأول : فلأنه منحط ساقط عن الاعتبار ، وأما على الثاني : فلما فيه من معنى التوليد ، والتسبب في الوجود،

وأقاويلهم على ثلاثة أقسام :

القسم الأول : ما علمنا صحته مما بأيدينا من القرآن والسنة ، والقرآن هو : الكتاب المهيمن ، والشاهد على الكتب السماوية قبله ، فما وافقه فهو : حق وصدق ، وما خالفه فهو : باطل وكذب ، قال تعالى : {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ، وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ}1.

وهذا القسم صحيح ، وفيما عندنا غنية عنه ، ولكن يجوز ذكره ، وروايته للاستشهاد به ، ولإقامة الحجة عليهم من كتبهم ، وذلك مثل : ما ذكر في صاحب موسى عليه السلام ، وأنه الخضر فقد ورد في الحديث الصحيح ، ومثل ما يتعلق بالبشارة بالنبي صلى الله عليه وسلم ، وبرسالته2 ، وأن التوحيد هو دين جميع الأنبياء ، مما غفلوا عن تحريفه ، أو حرفوه ، ولكن بقي شعاع منه يدل على الحق

القسم الثاني : ما علمنا كذبه مما عندنا مما يخالفه ، وذلك مثل : ما ذكروه في قصص الأنبياء ، من أخبار تطعن في عصمة الأنبياء عليه الصلاة والسلام ، كقصة يوسف ، وداود ، وسليمان ومثل : ما ذكروه في توراتهم : من أن الذبيح إسحاق ، لا إسماعيل ، فهذا لا تجوز روايته وذكره إلا مقترنا ببيان كذبه ، وأنه مما حرفوه ، وبدلوه ، قال تعالى : {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِه}.

وفي هذا القسم : ورد النهي عن النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة عن روايته ، والزجر عن أخذه عنهم ، وسؤالهم عنه ، قال الإمام مالك رحمه الله في حديث : "حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج" : المراد جواز التحدث عنهم بما كان من أمر حسن : أما ما عُلِم كذبه فلا1.

ولعل هذا هو المراد من قوله صلى الله عليه وسلم : "يا معشر المسلمين : كيف تسألون أهل الكتاب ، وكتابكم الذي أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم أحدث2 ، تقرءونه لم يشب3 ، وقد حدثكم الله أن أهل الكتاب بدلوا كتاب الله ، وغيروه ، وكتبوا بأيديهم الكتاب ، وقالوا : هو من عند الله ، ليشتروا به ثمنا قليلا ، ألا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم ، لا والله ما رأينا منهم رجلا يسألكم عن الذي أنزل عليكم"4.

القسم الثالث : ما هو مسكوت عنه ، لا من هذا ، ولا من ذاك ، فلا نؤمن به ، ولا نكذبه ، لاحتمال أن يكون حقا فنكذبه ، أو باطلا فنصدقه ، ويجوز حكايته لما تقدم من الإذن في الرواية عنهم. ولعل هذا القسم هو المراد بما رواه أبو هريرة ، قال : "كان أهل الكتاب يقرأون التوراة بالعبرانية ، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تصدقوا أهل الكتاب ، ولا تكذبوهم ، وقولوا آمنا بالله ، وما أنزل إلينا ، وما أنزل إليكم"5 الآية ، ومع هذا : فالأولى عدم ذكره ، وأن لا نضيع الوقت فيقالاشتغال به ، وفي هذا المعنى : ورد حديث أخرجه الإمام أحمد ، وابن أبي شيبة والبزار ، من حديث جابر : أن عمر أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب ، فقرأه عليه ، فغضب ، قال : "لقد جئتكم بها بيضاء نقية ، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق ، فتكذبوا به ، أو بباطل ، فتصدقوا به ، والذي نفسي بيده لو أن موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعني" ورجاله موثقون ؛ إلا أن في مجالد -أحد رواته- ضعفًا ، وأخرج البزار أيضا من طريق عبد الله بن ثابت الأنصاري : أن عمر نسخ صحيفة من التوراة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء" ، وفي سنده جابر الجعفي ؛ وهو ضعيف ، قال الحافظ في الفتح : واستعمله : "يعني البخاري" في الترجمة : يعني عنوان الباب ، لورود ما يشهد بصحته من الحديث الصحيح.

قال ابن بطال عن المهلب : "هذا النهي في سؤالهم عما لا نص فيه ؛ لأن شرعنا مكتفٍ بنفسه ، فإذا لم يوجد فيه نص ، ففي النظر والاستدلال غنىً عن سؤالهم ، ولا يدخل في النهي سؤالهم عن الأخبار المصدقة لشرعنا ، والأخبار عن الأمم السالفة

ولو أن هذه الإسرائيليات ولا سيما المكذوب والباطل منها وقف بها عند قائليها ، لكان الأمر محتملا بعض الشيء ، ولكن الشناعة وكبر الإثم : أن بعض الزنادقة ، والوضاعين وضعفاء الإيمان ، قد رفعوا هذه الإسرائيليات إلى المعصوم صلى الله عليه وسلم ونسبوها إليه صراحة ، وهنا يكون الضرر الفاحش والجناية الكبرى على الإسلام والتجني الآثم على النبي صلى الله عليه وسلم 0 ؛ فإن نسبة الغلط ، أو الخطأ أو الكذب إلى الراوي أيا كان أهون بكثير من نسبة ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

وإن ما اشتملت عليه بعض الإسرائيليات من الخرافات ، والأباطيل ليصد أي إنسان -مهما بلغ من التسامح في هذا العصر الذي نعيش فيه -عن الدخول في الإسلام ، ويحمله على أن ينظر إليه نظرة الشك ، والارتياب.

ولهذا : ركز المبشرون والمستشرقون طعونهم في الإسلام ونبيه على مثل هذه الإسرائيليات والموضوعات ؛ لأنهم وجدوا فيها ما يسعفهم على ما نصبوا أنفسهم له من الطعن في الإسلام ، وإرضاء لصليبيتهم التي رضعوها في لبان أمهاتهم.

وهذه الأباطيل والخرافات مهما بلغ إسنادها من السلامة من الطعن فيه ، لا نشك في تبرئة ساحة النبي صلى الله عليه وسلم عنها : {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}.

 

2.  اقتراحات البحث

وهذا الرسالة التي قد تحصر جدا ولم نبين مسائل منهج المصنف الدقيقة. وينبغي لطلاب التي ستكتب الرسالة بعدي ان ينفصل منهج المصنف عند اهل العلم من حيث القرن و كيف جاء منهج المصنف ؟ ولمَ جاء ؟ ويدقق المباحث ويذكر الكتب المعتبرة في علم الحديث. فاللهم اهدنا بهذا واجعل هذا حجة لنا واجعلنا بهذا اهل العلم ولاستاذنا دكتور محبوب جنيدي ولمن قرأه وحفظه وعمل به .. يا ربنا إنك للدعاء سميع مجيب ، وصلى الله على نبينا وحبيبنا محمد عليه أفضل الصلاة والحمد لله رب العالمين .


 

استنباط الرسالة

ابن ماجة أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني -  سنن ابن ماجة- مكتبة أبي المعاطي

محمد محمود بكار – علم التخريج ودوره في خدمة السنة النبوية-د. مكتبة الشاملة

مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري ابن الأثير - جامع الأصول في أحاديث الرسول - مكتبة الحلواني - مطبعة الملاح - مكتبة دار البيان - 1389 هـ ،

يوسف بن الزكي عبدالرحمن أبو الحجاج المزي- تهذيب الكمال مع حواشيه-  مؤسسة الرسالة - بيروت

الحافظ أبي بكر عبدالله بن الزبير الحُميديُّ - أصول السنة - مكتبة الشاملة

أحمد بن عبد الكريم نجيب - السنة النبوية مكانتها و أثرها في حياة مسلمي البوسنة و الهرسك - مكتبة الشاملة  

الشيخ الدكتور: بدران العيَّاري- شرح كتاب: أصول التخريج ودراسة الأسانيد - مكتبة الشاملة  

الدكتور عبد العزيز بن صالح اللحيدان - الطرق العلمية في تخريج الأحاديث النبوية - مكتبة الشاملة  

يوسف بن الزكي عبدالرحمن أبو الحجاج المزي - تهذيب الكمال - مؤسسة الرسالة - بيروت

الإمام الحافظ شيخ الاسلام ابى محمد عبد الرحمن بن ابى حاتم محمد بن ادريس بن المنذر التميمي الحنظلي الرازي - الجرح والتعديل - دار إحياء التراث العربي بيروت

شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذَهَبي - سير أعلام النبلاء - مكتبة الشاملة  

أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي - المعرفة والتاريخ - مكتبة الشاملة  

الإمام العلامة  تاج الدين بن علي بن عبد الكافي السبكي - طبقات الشافعية - مكتبة الشاملة    

ابن حجر العسقلاني- تهذيب التهذيب- مكتبة الشاملة    

 



[1] ابن ماجة أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني -  سنن ابن ماجة- مكتبة أبي المعاطي- (1 / 151)

[2] علم التخريج ودوره في خدمة السنة النبوية-د. محمد محمود بكار – مكتبة الشاملة (1 / 25)

[3] الموضوعات - مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري ابن الأثير - مكتبة الحلواني - مطبعة الملاح - مكتبة دار البيان - 1389 هـ ، 1969 م (12 / 338)

[4] تذكرة الموضوعات - : يوسف بن الزكي عبدالرحمن أبو الحجاج المزي- مؤسسة الرسالة - بيروت (654 – 652)

[5] تلخيص كتاب الموضوعات لابن الجوزي - : يوسف بن الزكي عبدالرحمن أبو الحجاج المزي الإمام الذهبي مؤسسة الرسالة - بيروت  (654 – 652)

[6] تلخيص كتاب الموضوعات لابن الجوزي - : يوسف بن الزكي عبدالرحمن أبو الحجاج المزي الإمام الذهبي مؤسسة الرسالة - بيروت  (654 – 652)

[7] دراسة في الحديث الموضوعي- أبو عامر الطيماوي مؤسسة الرسالة - بيروت  (654 – 652)

[8] الإسرائيليات والموضوعات - أحمد بن عبد الكريم نجيب - مكتبة الشاملة  (9 / 35)

[9] التبويب الموضوعي للأحاديث- أبو عامر الطيماوي مؤسسة الرسالة - بيروت  (1 / 6)

[10] الطرق العلمية في تخريج الأحاديث النبوية - الدكتور عبد العزيز بن صالح اللحيدان - مكتبة الشاملة  (1 / 19)

0 komentar:

Posting Komentar

Contact

Contact Person

Untuk saling berbagi dan sharing, mari silaturrahmi!

Address:

Mojo-Kediri-Jawa Timur (64162)

Work Time:

24 Hours

Phone:

085735320773

Diberdayakan oleh Blogger.